للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأجر عليها أعظم مما قدَّمتَ وأبقى.

فالحق سبحانه يريد منا أنْ نُقبل على التكاليف، ونعرف أنها لمصلحتنا نحن، وأنها في الحقيقة تشريف لنا لا تكليف؛ لأن الذي كلفني لا يحتاج مني إلى هذا، ولا ينتفع من عبادتي بشيء، بل هو سبحانه يتحنن إليَّ؛ لأكون أهلا لإنعامه وجديراً بفضله وكرمه.

ألم يقُلْ سبحانه: {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ... } [إبراهيم: ٧] فالمسألة إذن منك وإليك، فالله سبحانه له صفات الكمال قبل أنْ يخلق عباده.

فاللام في {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ. .} [السجدة: ٢٦] أي: لصالحهم ومن أجلهم، وليس عليهم، فالهدى لصالح المهدي لا الهادي، ولو فهم الإنسان هذه الحقيقة وعرف أن الهداية راجعة إليه لَقبَّل يد مَنْ بلَغه عن الله هذا الفضل.

ويؤكد هذا المعنى - لمن فطن - قوله تعالى عن المؤمنين: {أولئك على هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ... } [لقمان: ٥] فالهدى ليس حِمْلاً يحملونه، إنما مطية يركبونها إلى الغاية النبيلة التي أرادها الله لهم.

فما الذي بيَّنه الله للمؤمنين ودلَّهم عليه؟

يقول سبحانه: {كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ القرون يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ. .} [السجدة: ٢٦] أي: انظروا إلى المخالفين للرسل من قبلكم، وكيف أخذهم الله فلم يُمكِّنهم من رسله، بل انتصر الرسل عليهم.

وكم هنا تفيد الاستفهام عن العدد، وهي بمعنى كثير، كما تقول لمن ينكر جميلك: كم أحسنتُ إليك أي: مرات كثيرة لا تُعَدُّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>