مرئية، فناسبها {أَفَلاَ يُبْصِرُونَ}[السجدة: ٢٧] فهذا ينبغي أنْ يُسمع، وهذا ينبغي أنْ يُرى.
وفي الآية السابقة قال سبحانه {أَهْلَكْنَا ... }[السجدة: ٢٦] لنعتبر بإهلاك المكذبين في الماضي، أما هنا فيلفتنا إلى آية من آياته في الكون، فيأتي الفعل {نَسُوقُ المآء. .}[السجدة: ٢٧] بصيغة المضارع الدالّ على التجدّد والاستمرار، ففي كل الأوقات يسوق الله السحب، فينزل منها المطر على الأرض (الجرز) أي: المجدبة، فتصبح مُخضرة بأنواع الزروع والثمار، وهذه آية مستمرة نراها جميعاً، ولا تزال في الحال وفي الاستقبال، ولأن هذه الآية واقعة الآن تحتاج منا المشاهدة والتأمل قال في ختامها {أَفَلاَ يُبْصِرُونَ}[السجدة: ٢٧]
وفي موضع آخر قال سبحانه:{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرض زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً}[الكهف: ٧ - ٨] فالجُرُز هي الأرض المقطوع منها النبات، إما لأن الماء شحَّ عليه فجفَّ، وإما أنه استُحصد فحصدوه.
ومعنى {نَسُوقُ المآء. .}[السجدة: ٢٧] السَّوْق: حَثٌّ بسرعة؛ لذلك تقول للذي يتعجلك (ما لك سايقنا كده) ، ومعلوم أن السَّوْق يكون من الوراء، على خلاف القيادة، فهي من الأمام، فالذي تسوقه تسوقه وهو أمامك، تراه فلا يتفلت منك، ولو كان خلفك فهو عُرْضة لأنْ يهرب منك، فلا تشعر به.
والسَّوْق مرة يكون للسحاب، كما في قول الله تعالى {والله الذي أَرْسَلَ الرياح فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إلى بَلَدٍ مَّيِّتٍ ... }[فاطر: ٩]
ومرة يكون السَّوْق للماء نفسه كما في هذه الآية، وسَوْق الماء له عدة مظاهر: فالله يسوق الماء من السحاب إلى الأرض، فإذا نزل