للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذن: هذه القيعان لها مهمة يعرفها مَنْ فَطِن لهذه المسألة، وإلا فالله تعالى لم يخلق شيئاً عبثاً أبداً، كذلك يكون انتفاع الناس بالعلم، فمنهم مَنْ نرى أثر علمه خيراً عاجلاً، ومنهم مَنْ يتأخر نَفْع علمه للأجيال القادمة.

ثم إياك أنْ تظن أنَّ الماء حين يسلكه اللهُ ينابيع في باطن الأرض يسيح فيها، أو يحدث له استطراق سائلي يختلط فيه العذب بالمالح، لا. . إنما يسير الماء العَذْب في شبه أنابيب ومسارب خاصة، يجدونها حتى تحت مياه الخليج المالحة.

وهذه من عجائب الخَلْق الدالة على قدرة الخالق عَزَّ وَجَلَّ، وكما يوجد برزخ بين المائيْن على وجه الأرض {مَرَجَ البحرين يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ} [الرحمن: ١٩ - ٢٠] كذلك هناك برزخ للماءين تحت الأرض.

فالحق سبحانه يلفت أنظارنا إلى هذه الآية المشاهدة {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ المآء إِلَى الأرض الجرز. .} [السجدة: ٢٧] نعم، هذه آية نشاهدها جميعاً، لكن المراد هنا مشاهدة تمعُّن وتذكّر وعظة وتعقُّل، نهتدي من خلالها إلى قدرة الخالق عَزَّ وَجَلَّ.

وقوله سبحانه {أَنَّا نَسُوقُ. .} [السجدة: ٢٧] فيه دليل على قيُّوميته تعالى على الخلق، فإنْ كان سَوْق الماء يتم بواسطة الملائكة المكلفين به، إلا إنه تعالى صاحب الأمر الأول والمتتبع لعملية تنفيذه.

وقدَّم الحق سبحانه الأنعامَ على الإنسان في الأكل من الزرع، مع أنها كلها مملوكة للإنسان؛ لأن الأنعام في الغالب ما تأكل من

<<  <  ج: ص:  >  >>