للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَشَآءَ الله ... } [الكهف: ٢٤] وتعليق أمرك على مشيئة الله عَزَّ وَجَلَّ يحميك أن تكون كاذباً إذا لم تَفِ بما وعدتَ به، فأسباب الوفاء بالوعد لا يملكها البشر، إنما يملكها خالق البشر سبحانه، فإذا وعد فاعلم أن وعده متحقق لا محالة.

وقلنا: إنك حين تقول لصاحبك مثلاً: سأقابلك غداً أو سأفعل لك كذا وكذا، نعم أنت صادق وتنوي الوفاء، لكنك لا تملك في الغد سبباً واحداً من أسباب الوفاء، فلربما طرأ لك طارئ، أو منعك مانع، وربما تغيَّر رأيك. . الخ.

وفَرْق بين انتظار رسول الله حين ينفذ أمر ربه {وانتظر} [السجدة: ٣٠] وبين {إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ} [السجدة: ٣٠] فانتظار رسول الله لشيء محقق، له رصيد من القوة والقدرة، أما انتظارهم فتسويل نفس ووسوسة شيطان، لا رصيد لها من قوة وإنقاذ.

ومعنى {إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ} [السجدة: ٣١] أي: ينتظرون أن يحدث لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ شيء يمنعه من تبليغ رسالة ربه، وهذا حمق منهم، فقد كان عليهم أن يعلموا أن الرسول مُؤيَّد من الله مُرْسَل من قِبَله لهدايتهم، وما كان الله تعالى ليرسل رسولاً ثم يُسْلمه أو يخذله، فسنة الله في الرسل أن لهم الغلبة مهما قويتْ شوكة المعاندين لهم.

إذن: لا سبيلَ إلى ذلك، ولا سبيلَ أيضاً إلى الخلاص منه أو حتى تخويفه ليرتدع، ويدع ما يدعو إليه من منهج ربه.

وقد ورد هذا الانتظار في موضع آخر بلفظ (التربص) في قوله تعالى: {تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ المتربصين} [الطور: ٣١]

وفي قوله تعالى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى الحسنيين ... } [

<<  <  ج: ص:  >  >>