القبح ليس ما قَبُحَ في نظرك، إنما القبيح الذي يُخرِج الحُسْن التكليفي عن مناطه؛ لأن الخالق - عَزَّ وَجَلَّ - خلق كل شيء جميلاً، كما قال سبحانه:{الذي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ... }[السجدة: ٧]
فإذا قَبُحَ الشيء في نظرك فاعلم أنك نظرتَ إلى جانب الشكل، وأهملتَ جوانب أخرى، وقُلْ إنني لم أتوصل إلى سرِّ الجمال فيه.
وسبق أنْ قُلْنا: إن الخالق سبحانه نثر المواهب بين خَلْقه بحيث تجد مجموع مواهب كل إنسان تساوي مجموع مواهب كل إنسان، فلا تنظر إلى جانب واحد فتقول: هذا غني، وهذا فقير، لكن انظر إلى الجوانب الأخرى.
ويُرْوَى أن سيدنا نوحاً عليه السلام رأى كلباً أجرب فبصق عليه، فأنطق الله الكلب الأجرب، وقال له: أتعيبني أم تعيب خالقي؟ والمعنى أنه خلقني لحكمة، ولمعنى من المعاني.
كذلك نثر الحق سبحانه حكمه، ونثر خيره في كتابه، فلا تغنى آية عن آية، ولا تغني كلمة عن كلمة، ولا حرف عن حرف، لكن البصائر التي تَتلَقَّى عن الله هي التي تستطيع أنْ تقف على أسرار الله.