للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما الإنشاء فهو مقابل الخبر يعني: قوْلٌ لا يُوصَف بصدق ولا بكذب، كأن تقول لإنسان: قِفْ، فهذا أمر لا يقال لقائله: صادق، ولا كاذب.

فقوله تعالى لنبيه {اتق الله. .} [الأحزاب: ١] هذه نسبة كلامية من الله لرسوله، ليحدث مدلول هذا الأمر، وهو التقوى، لكن أكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ غير تقي حتى يأمره ربه بالتقوى؟

نقول: ليس بالضرورة أنْ يكون الرسول عصى، فيأمره الله بتقواه، لكن الحق سبحانه ينشئ مع رسوله كلاماً بداية دون سابقة عصيان. أو: أنه الأمر الأول بالتقوى كما تقول لولدك في بداية الدراسة: اجتهد وذاكر دروسك، وأنت تعرف أنه مجتهد، لكن لا بُدَّ من تقرير المبدأ في بداية الأمر.

ثم إن الحدث يحدث في أزمنة ثلاثة: ماضٍ وحال ومستقبل، فإذا طلب من شخص فعل شيء هو مقيم عليه بالفعل كقوله تعالى: {ياأيها الذين آمَنُواْ آمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ ... } [النساء: ١٣٦]

فالحق سبحانه يأمرهم بالإيمان، مع أنه وصفهم وخاطبهم بلفظ الإيمان؛ لأن المعني: أنتم آمنتم قبل أنْ أُكلمكم، وهذا الإيمان السابق لكلامي ماضٍ، وأنا أريد منكم أنْ تُحدِثوا إيماناً جديداً، حالاً ومستقبلاً، أريد أنْ تُجدِّدوا إيمانكم، وأنْ تستَمروا عليه.

فمعنى {ياأيها النبي اتق الله. .} [الأحزاب: ١] أي: واصل تقواك حالاً، كما فعلتها سابقاً، وواصلها مستقبلاً، فلا تنقطع عنها أبداً.

أو: أن تقوى الله أمر يلصق الإنسانَ بربه، والله كلَّف بأشياء،

<<  <  ج: ص:  >  >>