كمن يناقشون مثلاً مسألة تعدد الزوجات، ويصل بهم الحدُّ إلى انتقاد رسول الله، وكأنه يُجري له محاكمة.
وكيف نعارض رسول الله في هذا، والله تعالى لم يعارضه، ولم يُقِلْه من مسألة الرسالة، بل ارتضى الله فِعْل رسوله وباركه، فلا تجعل من نفسك مقياساً على رسول الله؛ لأن الأصل أنه هو المقياس الذي نقيس عليه أفعالنا، فنسأل: أفعل رسول الله ذلك أم لم يفعل؟ فإنْ فعل فعلنا.
ومن هذا المنطلق سُمِّي الصَّديق صِدِّيقاً، فلما حدَّثوه أن رسول الله يخبر أنه أتى بيت المقدس في ليلة قال: إنْ كان قال فقد صدق.
والحق سبحانه حين ينهى رسوله عن طاعة الكافرين والمنافقين إنما يُبيِّن له طبيعتهم، وحقيقة عدائهم له، فهُمْ غير مخلصين له، وعليه أن يتهم أمرهم إنْ أمروه ويتهم نهيهم إنْ نَهوْه، وكيف يُخلِصون في أمره أو نهيه، وقد جاء ليصادم سيادتهم، ويكسر جبروتهم وكفرهم؟
وهَبْهم مخلصين لك لأنك من قريش، ويريدون نصرتك فينقصهم في نُصْحهم لك العلم والحكمة، فلا يصح إذن أنْ تقارن بين طاعة الله وطاعة هؤلاء، مهما كانوا مخلصين لك.
كما نلحظ أن القوم فعلاً طلبوا من رسول الله أشياء، فكأن الله نبهه قبل أنْ يطلبوا منه إلى ما يُطلب منه من مخالفتهم وعدم طاعتهم، والطاعة فيها مطيع ومطاع، وهم يريدون ان يكونوا