الرسل حين يختارهم الله، لا شكَّ أنه سبحانه يعلم حيث يجعل رسالته، فإذا اختار الله رسولاً، فقبول الرسول للرسالة ارتضاء منه بما يريده الله من العهد.
وهل رأينا رسولاً في موكب الرسالات عُرِضَتْ عليه الرسالة فرفضها؟ إذن: قبول الرسالة كأنه العهد، جاء من طرف واحد في إملاء شروطه؛ لأنه الطرف الأعلى، وحيثية التوثيق في أن الله اختاره، وجعله أهْلاً للاصطفاء للرسالة.
لذلك رأينا في قصة سيدنا موسى - عليه السلام - لما اصطفاه الله للرسالة آنس من نفسه أنها مسألة كبيرة بالنسبة له، لكن لم يردَّها، إنما طلب من الله أنْ يسانده في هذه المسئولية أخوه هارون، فقال للحق سبحانه وتعالى:{وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي ... }[القصص: ٣٤]
فلم يقل: أنا لا أصلح لهذه المسألة، إنما أذعن لأمر الله، فالله أعلم حيث يجعل رسالته، ومسألة العقدة التي في لسانه يستعين عليها بأخيه.
إذن: كلمة (الميثاق) تدور حول الشيء المؤكَّد الموثَّق، ومنه قوله تعالى عن الأعداء:
{فَإِذَا لَقِيتُمُ الذين كَفَرُواْ فَضَرْبَ الرقاب حتى إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ الوثاق ... }[محمد: ٤]
ثم يأتي تفصيل هذه القضية العامة: {وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ