للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لذلك يقول تعالى:

{إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [يس: ٨٢] ولا تتعجب من هذه المسألة؛ لأن ربك أعطاك في ذاتك شيئاً منها، لماذا تستبعد فِعْل الله تعالى بكُنْ، وأنت ترى جوارحك تنفعل لمجرد إرادتك للفعل، مجرد رغبتك في القيام ترى نفسك قد قُمْتَ، دون حتى أن تأمر جوارحك وعضلاتك بالقيام.

فإنْ قلتَ: فلماذا لا يأمر الإنسان جوارحه وأعضاءه بما يريد؟ نقول: لأنك لا تملك أنْ تأمرها، فهي تنقاد لك ولمرادك بأمر الله، فالأشياء كلها إنما تأتمر بأمر الخالق سبحانه، ولا تتخلف عن أمره أبداً، ألم تقرأ عن السماء {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} [الانشقاق: ٢]

فالسماء مع عِظَم خَلْقها تسمع وتطيع أمر خالقها؛ أما أنت أيها العبد، فأيَّ شيء تأمر، وأنت لا تعرف أصلاً ما تأمره؟ وهل تعرف أنت العضلات والأعضاء والأعصاب التي تشترك بداخلك لأداء عملية القيام؟ لذلك ولعدم علمك بما تأمره جعل الله أعضاءك وجوارحك تنفعل لمجرد إرادتك.

أما هو سبحانه فيقول (كُنْ) لأنه خالق كل شيء، وكل شيء مؤتمر بأمره، وقال سبحانه (كُنْ) حتى لا تقولها أنت، فكأنها سبقتْ منه سبحانه لصالحك أنت، وأنت تفعل من باطن كُنْ الأولى التي توزَّعَتْ علينا جميعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>