فالإنسان مثلاً جنس، منه ذكر ومنه أنثى، وكل نوع منهما تحته أفراد، والذكر والأنثى لم يفترقا إلى نوعين بعد أنْ كانا جنساً واحداً، إلا لاختلاف نشأ عنهما بعد اتفاق في الجنس فالجنس حَدٌّ مُشترك: حيٌّ ناطق مفكر، فلما افترقا إلى نوعين صار لكل منهما خصوصيته التي تُميِّزه عن الآخر.
كما قلنا في الزمن مثلاً، فهو ظرف للأحداث، فإنْ كانت أحداثَ حركة فهي النهار، وإنْ كانت أحداثَ سُكُون فهي الليل، فالليل والنهار نوعان تحت جنس واحد هو الزمن، ولكل منهما خصوصيته، وعلينا أن نراعي هذه الخصوصية، فلا نخلط بينهما.
فالليل والنهار متقابلان متكاملان لامتضادان، كذلك الذكر والأنثى، ولكلٍّ دوره ومهمته الخاصة، فإنْ حاولتَ أنْ تجعلَ الليل نهاراً، أو الذكر أنثى أو العكس، فقد خالفتَ هذه الطبيعة التي اختارها الخالق سبحانه.
وحكينا قصة الرجل الذي مرَّ على عمدة القرية، فوجده يضرب غفيراً عنده، فدافع عن الغفير وقال للعمدة: لماذا تضربه يا عم إبراهيم؟ قال: مررتُ عليه ووجدتُه نائماً، فقال الرجل: نام؛ لأنه قضي النهار يروي لك أرضك، ومَنْ يحرث لا يحرس.
إذن: تحت الجنس النوع، وهذا النوع غير متكافيء؛ لأنه لو تساوى لكان مكرراً لا فائدة منه، إنما يختلف الأفراد ويتميزون؛ لذلك لا تظن أنك تمتاز عن الآخرين؛ لأن الله تعالى وزَّع المواهب بين خَلْقه، فأنت تمتاز في شيء، وغيرك يمتاز في شيء آخر، ذلك ليرتبط