وليس معنى عدم الخضوع بالقول أنْ تُكلِّمْنَ الناسَ بغلظة وخشونة، إنما المراد أن تكون الأمور عند حدودها؛ لذلك يقول سبحانه بعدها {وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً}[الأحزاب: ٣٢] فلما نهى القرآن عن التصرف غير المناسب عرض البديل المناسب، وهو القول المعروف، وهو من المرأة القول المعتدل والسماع بالأذن دون أنْ تمتد عينها إلى مُحدِّثها؛ لأن ذلك ربما أطمعه فيها، وجرَّاه عليها، وهذا ما يريد الحق سبحانه أنْ يمنعه.
لذلك حُكِي أن رجلاً رأى خادمته على الباب تُحدِّث شاباً وسيماً، وكان يسألهَا عن شيء، إلا أنها أطالتْ معه الحديث، فضربها ربُّ البيت ونهرها على هذا التصرف، وفي اليوم التالي جاء شاب آخر يسألها عن نفس الشيء الذي سأل عنه صاحبه بالأمس، فبادرته بالشتائم والسُّباب بعد أنْ ظهر لها ما في قلب هذا، وأمثاله من مرض.
وفي موضع آخر من هذه السورة سيأتي:{ياأيها النبي قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً}[الأحزاب: ٥٩] ؛ لأن الرجل حين يجد المرأة محتشمة تستر مفاتن جسمها لا يتجزأ عليها، ويعلم