فكأن الحق سبحانه حينما أرضى السيدة أسماء نيابةً عن المرأة المسلمة، فذكر ما ذكر من جمع المؤنث الذي يقابل جمع المذكر، أراد أنْ يبني حول المرأة سياجاً من الستر في كل شيء حتى في التكاليف.
ونلحظ على سياق الآية هنا أيضاً أنه قدَّم المغفرة على الأجر؛ لأن القاعدة كما قُلْنا: إن دَرْء المفسدة مُقدَّم على جَلْب المصلحة، والحق سبحانه يُعد لعباده الأجر على الحسنة التي فعلوها، مع أنه سبحانه لا ينتفع منها بشيء إنما يعود نَفْعها على المكلَّف نفسه، ’فهو يستفيد بالطاعة وينال عليها الأجر في الآخرة.
أما الحق سبحانه فغنيٌّ عنَّا، وعن طاعتنا، واقرأ الحديث القدسي:«يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في مُلْكي شيئاً، ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً» .
إذن: نحن المستفيدون من التكاليف، ففيها صلاحُنَا في الدنيا، ثم نأخذ عليها الأجر يوم القيامة.
لذلك نجد الكثير من الرسل يقولون لأقوامهم:{وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ... }[الشعراء: ١٠٩] كأنه يقول: الذي أؤديه لكم من تبليغ دعوة الله في عرف الاقتصاد والتبادل يقتضي أنْ آخذَ عليه أجراً؛ لأنني أؤدي لكم خدمة، لكن ماذا سآخذ منكم أيها العرايا وأجري عالٍ لا يقدر عليه المكلَّف {إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الله ... }[يونس: ٧٢] فهو