للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم وهبه للسيدة خديجة أم المؤمنين، فوهبته خديجة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها لسيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فصار مَوْليً لرسول الله.

وبينما هو ذات يوم بالسوق، إذ رآه جماعة من قومه فعرفوه، وأخبروا أباه أنه بالمدينة، فجاءه أبوه وأعمامه، وحكَوْا لرسول الله قصته، وطلبوا عودته معهم، فقال رسول الله: خيِّروه، فإن اختاركم فهنيئاً لك، وإن اختارني، فَمَا كان لي أنْ أُسْلِمه، فردَّ زيد وقال: والله ما كنت لأختار على رسول الله أحداً.

فأراد سيدنا رسول الله أنْ يكافيء زيداً على هذا التصرف، فنسبه إليه على عادة العرب في هذا الوقت، فسمَّاه زيد بن محمد.

فلما أراد الحق سبحانه أن ينهي هذه العادة، ومثلها عادة الظهار، نزل قوله سبحانه: {مَّا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللائي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ ... } [الأحزاب: ٤] .

فكما أن الرجل لا يكون له إلا قلب واحد، كذلك لا يكون له إلا أب واحد، وشاء الله أنْ يبدأ بمُتَبنَّي رسول الله؛ ليكون نموذجاً تطبيقياً عملياً أمام الناس، وكانت هذه الظاهرة يترتب عليها أنْ يرث المتبنَّي من المتبنِّي بعد موته، وأنْ تُحرم زوجة المتبنَّي أنْ يتزوجها المتبنِّي.

صحيح أن القضاء على هذه العادة قضاءٌ على نظام اجتماعي فاسد موجود في الجزيرة العربية، لكنه في الوقت نفسه دليل على أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تبنَّي كما يتبنَّى العرب، وأن الله تعالى أبطل من

<<  <  ج: ص:  >  >>