لا يخشوْنَ شيئاً في البلاغ عن الله، فكأنه تعالى نفى عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن تكون خشيته في البلاغ، إنما خشيته استحياؤه مخافة أنْ تلوكه ألسنة قومه، وإلاَّ فَهُمْ لا يملكون له شيئاً يضره أو يخيفه.
نلحظ هنا أن {الذين يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ الله وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ الله ... }[الأحزاب: ٣٩] هذه العبارة مبتدأ لم يُخبر عنه؛ لأن قوله تعالى {وكفى بالله حَسِيباً}[الأحزاب: ٣٩] ليس خبراً لهذا المبتدأ، إنما هو تعليق عليه، فأين خبر هذا المبتدأ؟ قالوا: تقديره، الذين يُبلِّغون رسالات الله. . لا يمكن أنْ يُتَّهموا بأنهم خشنوا الناس من أجل البلاغ.
{وكفى بالله حَسِيباً}[الأحزاب: ٣٩] أي: أنكم لن تحاسبوهم، إنما سيحاسبهم الله، وكان مقتضى الحساب مع رسول الله إنْ فعل ما لا يصحّ منه أنْ تسحب منه الرسالة، وأنْ يأتي الله بنبي آخر، ولم يحدث شيء من هذا.
ثم يعود السياق إلى أمر آخر في قضية التبني، فيقول سبحانه:{مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ... } .