للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا قال الله للملائكة: اسجدوا لآدم وكان معهم إبليس وهو أقلّ منهم، فكان عليه أنْ يسجد. ثم إنْ كنتَ يا إبليسُ أخذتَ منزلة أعلى من الملائكة بالطاعة، فلا بُدَّ أنْ تكون طاعتك لله على هذه المنزلة، فأنت مَلُوم على أيِّ حال، إلا أنه كان من الجن، والجن مختار، ففسق عن أمر ربه.

وهناك نوع آخر من الملائكة لا دخلَ لهم بالإنسان ولا بدنياه، وهم الملائكة العالون أو المهيَّمون، وهم الذين قال الله فيهم لما أبى إبليس أنْ يسجد قال له ربه: {أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ العالين} [ص: ٧٥] .

وهؤلاء العالون لم يشملهم الأمر بالسجود؛ لأنهم لا يدرون شيئاً عن آدم، وليس لهم علاقة به، وأخصُّهم حَمَلة العرش وهم أكرم الملائكة، وهؤلاء هم الذين يُصلُّون عليكم بعد أنْ صلَّى الله عليكم؛ لذلك يُبيِّن لنا الحق سبحانه هؤلاء الملائكة ودورهم في الصلاة علينا والاستغفار لنا، فيقول سبحانه: {الذين يَحْمِلُونَ العرش وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ... } [غافر: ٧] .

فهؤلاء هم أخصُّ الملائكة وأكرمهم يُسبِّحون بحمد ربهم ويؤمنون به، لكن ما فائدة (يؤمنون به) بعد أن سبَّحوه؟ قالوا: لأن التسبيح قد يكون عن خوف ورهبة، أما تسبيح هؤلاء فتسبيح عن حبٍّ وعن إيمان، وأنه سبحانه وتعالى يستحق أنْ يُسبَّح، ومن مهام هؤلاء أيضاً أنهم يستغفرون للذين آمنوا، وإنْ لم تكن لهم علاقة

<<  <  ج: ص:  >  >>