للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعادة ما يصاحب الطلاق بُغْضٌ من الطرفين، أو كُرْه من أحدهما للآخر؛ لذلك تكون العِدَّة بينهما ثلاثة أشهر أو وَضْع الحمل؛ لأن الكراهية التي حدثتْ بينهما تميت خلايا الالتقاء بين الأنسجة، وتُسرِع بانتهاء ما بينهما من سِيال وتطْعسه.

أما في حالة موت الزوج، فقد قطع النكاح قدرياً من الله، فعادة ما تكون الزوجة مُحبَّة لزوجها، حزينة على فَقْده، وتأتي فاجعة الموت، فتزيدها حُباً له، وفي هذه الحالة ليس من السهل أنْ ينتهي السيَّال بينهما؛ لذلك يشاء الخالق سبحانه أنْ يطيل أمد العِدَّة إلى أنْ ينتهي هذا السِّيال الذي جمعهما، فلا يدخل على سيال الرجل سيال جديد، فيحدث صراع بين السيالين؛ لذلك كانت عِدَّة المتوفي عنها زوجها أطول من عدة المطلقة.

وقوله تعالى: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ ... } [الأحزاب: ٤٩] يعني: أن الطلاق قبل المسِّ والدخول كان موجوداً كما هو موجود الآن، ونحن نرى الطرفين أو أحدهما يتعجَّل العقد، رغم أنه غير مُستعد لنفقات الزواج، إنما يتعجله لمصلحة تعود عليه من هذا الارتباط.

وقد ذكر لنا التاريخ أن كثيراً من الأسر، خاصة الأسر العربية الأصيلة كانت تفعل ذلك، لكنهم لم يكونوا يسمحون للزوج في هذه الحالة أنْ يختلي بالزوجة، وإنْ كان عاقداً عليها، وبعض فيتاتنا لهن قصص مُشرِّفة في هذه المسألة.

ومما رُوى في هذا الصدد قصة بهيثة بنت أوس بن حارثة الطائي والحارث بن عوف، وهو سيد من سيادات بني مُرَّة، وكان للحارث ابن عوف صديق اسمه ابن سنان، وفي ليلة جلس الحارث يتسامر

<<  <  ج: ص:  >  >>