النسآء مِن بَعْدُ ... } [الأحزاب: ٥٢] دليل على تكريم الرسول ومعاملته معاملة خاصة، فالله قد أحل له قبل أنْ يُحرِّم عليه، ومثال هذا التكريم قوله تعالى:{عَفَا الله عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ ... }[التوبة: ٤٣] فسبُق العتاب بالعفو.
ونلحظ في قوله تعالى:{إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ... }[الأحزاب: ٥٠] أن الأزواج جاءت بصيغة المذكَّر ولم يقل زوجاتك؛ لأن الزوج يُطلق على الرجل وعلى المرأة، والزوج في اللغة هو الواحد المفرد ومعه غيره من جنسه، وليس الزوج يعني الاثنين كما يعتقد البعض، ومثلها كلمة (توأم) فهي تعني الواحد الذي معه غيره، فكل منهما يسمَّى توأماً، ومن ذلك قوله تعالى:{ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مَّنَ الضأن اثنين وَمِنَ المعز اثنين ... }
[الأنعام: ١٤٣] .
ثم يقول تعالى:{وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ الله عَلَيْكَ ... }[الأحزاب: ٥٠] نعرف أن ملْك اليمين يُقصَد به المرأة المملوكة، وجاء قوله تعالى:{مِمَّآ أَفَآءَ الله عَلَيْكَ ... }[الأحزاب: ٥٠] احتياط، فمِلْك اليمين بالنسبة لرسول الله جاء من طريق شرعي، جاء من الفيء والمراد أسرى الحروب.
وقد باشر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عملية السَّبْي بنفسه؛ لأن من الإماء حرائر أُخِذْنَ عُنْوة أو سُرِقْنَ، ومنهم من بيعتْ في سوق الرقيق على أنها أَمَة، وهذا ما رأيناه فعلاً في قصة سيدنا زيد بن حارثة، إذن: فقوله تعالى: {مِمَّآ أَفَآءَ الله عَلَيْكَ ... }[الأحزاب: ٥٠] أي: أنك ملكتها، وأنت واثق تمام الثقة أنها أمَة وَفَيءٌ أحله الله لك.