يُقرِّب إليه مَنْ يُقرِّب، أو يؤخر من يؤخر؛ لأن مشيئته نابعة من أمر الله له.
وقوله تعالى:{وَيَرْضَيْنَ بِمَآ آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ ... }[الأحزاب: ٥١] أي: في أيِّ الحالات، ثم جاء قوله تعالى:{والله يَعْلَمُ مَا فِي قلُوبِكُمْ وَكَانَ الله عَلِيماً حَلِيماً}[الأحزاب: ٥١] ليشير إلى أن الرضا هنا ليس هو رضا القوالب، إنما يراد رضا القلب بتنفيذ أوامر الله دون أنْ يكون في النفوس دخائل أو اعتراض.
فالله سبحانه {وَكَانَ الله عَلِيماً ... }[الأحزاب: ٥١] يعلم ما في القلوب {حَلِيماً}[الأحزاب: ٥١] لا يجازيكم على ما يعلم من قلوبكم، ولو جازاكم على قَدْر ما يعلم لأتعبكم ذلك.
وتأمل حِلْم الله علينا ورحمته بنا في مسألة البدء ببسم الله، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يُعلِّمنا أن كل عمل لا يبدأ ببسم الله فهو أبتر أي: مقطوع البركة، فالإنسان حين يبدأ في الفعل لا يفعله بقدرته عليه، ولكن بتسخير مَنْ خلقه له، فحين تقول: بسم الله أفعل كذا وكذا، فإنك تفعل باسم الذي سخَّر لك هذا الشيء.
لذلك يقول الحق سبحانه وتعالى:{والذي خَلَقَ الأزواج كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ الفلك والأنعام مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُواْ على ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا استويتم عَلَيْهِ وَتَقُولُواْ سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ}[الزخرف: ١٢ - ١٣] .
فعليك أنْ تبدأ ببسم الله حتى إنْ كنتَ عاصياً لله، إياك أن تظنَّ أنك لسْتَ أهلاً لهذه الكلمة؛ لأن ربك حليم، ورحمن رحيم.