ينشغلَ عنها، مهام مع ربه، ومهام مع أهل بيته، وهذا معنى:{غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ ... }[الأحزاب: ٥٣] أي: نضج الطعام واستوائه وإعداده، والفعل (إِنَي) على وزن رضا، وفي لغة: إني أني مثل: رمي رمياً.
وهنا تحذير للمؤمنين إذا دُعُوا إلى طعام رسول الله أنْ يدخلوا بيوته ينتظرون نُضْج الطعام، إنما عليهم ألاَّ يدخلوا إلا بعد نُضْج الطعام وإعداده، بحيث يقول لهم تفضلوا الطعام {وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فادخلوا ... }[الأحزاب: ٥٣] فالطعام جاهز ومُعَدٌّ {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فانتشروا ... }[الأحزاب: ٥٣] فكما نهاهم في أوَّليّة الطعام عن انتظار نُضْجه، كذلك نهاهم في آخريته عن عدم الجلوس بعده، إنما ينبغي عليهم إذا أكلوا أنْ ينتشروا.
والانتشار: أنْ يأخذ الشيء حيِّزاً أوسع من حجمه، والانتشار يُعينك على تحقيق الغاية، ألسْنَا ننشر الملابس بعد غَسلْها؟ لماذا؟ لأن نَشْر الغسيل يساعد على جفافه، ولو تركْتَه في حيِّزه الضيق لاحتاج أسبوعاً لكي يجفَّ، إذن: في الانتشار فائدة.
وسبق أنْ أوضحنا هذه الظاهرة بكوب الماء إذا تركْتَه مثلاً وسافرتَ لمدة شهر، فإنك ستعُود فتجده كما هو لم ينقص إلا القليل، لكن إنْ سكبْتَه في أرض الحجرة فسوف يجفّ قبل أنْ تخرج منها.
فقوله تعالى هنا {فادخلوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فانتشروا ... }[الأحزاب: ٥٣] أي تفرَّقوا؛ لأن المكان الذي أنتم فيه في بيت النبي ضيِّق، إذن: ليذهب كُلٌّ إلى عمله، وماذا يُراد من المؤمن بعد أنْ تناول طعامه؟ أنْ يسعى في مناكب الأرض، لا أنْ يجلس خاملاً عَالةً على غيره، وتأمل أيضاً قول الله تعالى في سورة الجمعة: