النبي فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ والله لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحق ... } [الأحزاب: ٥٣] أي: لا ينبغي أنْ تجلسوا بعد الطعام للحديث، وتجعلوها (سهراية) في بيت رسول الله، وهذا النهي كان له سبب وحادثة وقعتْ، فنزلت هذه الآية.
سيدنا رسول الله لم يُؤلِم وليمة في عُرْس من أعراسه إلا لزينب بنت جحش، فذبح صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ شاة، وأعدَّ لهم الحَيْس، وهو التمر المخلوط بالزبد والسمن، ثم يوضع عليه اللبن الحامض أو الرايب.
فلما أكل الناس جلسوا يتحدثون، انتظر رسول الله أنْ يقوموا وينصرفوا، فلم يَقُمْ منهم أحد، وحياؤه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يمنعه أنْ يقول لهم: قوموا، فأراد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنْ يُظهِر لهم أنه يريد أنْ يقوم، وقام فعلاً وخرج، فلم يقُم منهم أحد ووجدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ آخرين جالسين بالخارج، فعاد إلى مجلسه، فشعر القوم بما يريده رسول الله فانصرفوا.
يقول سيدنا أنس: فجئتُ فأخبرتُ رسول الله أنهم انطلقوا، فجاء صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ودخل، فذهبت لأدخل وراءه، فألقى الحجاب بيني وبينه - يعني: لا أحد يدخل حتى أنت.
ومعنى:{إِنَّ ذلكم كَانَ يُؤْذِي النبي فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ... }[الأحزاب: ٥٣] لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يريد أنْ تنصرفوا، لكن يمنعه حياؤه، وهذا لأن المكان ضيِّق، ورسول الله في يوم عُرْس، وليس من المناسب الجلوس عنده.
{والله لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحق ... }[الأحزاب: ٥٣] لذلك قالوا: حَسْب الثقلاء أن الله لم يحتملهم. هكذا حدثتنا الآية في صدرها عن: