يعامل الحق الإنسان على أنه مخلوق محدود القدرات؛ وفي موضع آخر جاء الحق باستثناء آخر فقال:{وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إلى فِئَةٍ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ الله وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المصير}[الأنفال: ١٦] .
إن الحق يقول في هذا الموضع من سورة آل عمران:{لاَّ يَتَّخِذِ المؤمنون الكافرين أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ المؤمنين وَمَن يَفْعَلْ ذلك فَلَيْسَ مِنَ الله فِي شَيْءٍ، إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً} .
«وتقاة» مأخوذة من «الوقاية» . إنهم قد يكونون أقوياء للغاية، وقد لا يملك المؤمن بغلبه الظن في أن ينتصر عليهم؛ وهم الكافرون، فلا مانع من أن يتقي المؤمن شرهم.
إن التقية رخصة من الله، روى: أن مسيلمة الكذاب جاء برجلين من المسلمين وقال لواحد منهما: «أتشهد أن محمدا رسول الله» ؟ قال المؤمن «نعم» : قال مسيلمة: «وتشهد أني رسول الله؟» قال المؤمن: «نعم» . وأحضر مسيلمة المسلم الآخر وقال له:«أتشهد أن محمداً رسول الله؟» قال المؤمن: «نعم» . قال مسيلمة:«أتشهد أني رسول الله؟» قال المؤمن الثاني: «إني أصم» كيف رد عليه المؤمن بدعوى الصمم؟ لقد علم مسيلمة أنه يدعي الصمم، لذلك أخذه وقلته، فرفع الأمر إلى سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فماذا قال؟ قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«أما المقتول. . فقد صدع بالحق فهنيئا له، وأما الآخر فقد أخذ برخصة الله» . فالتقية رخصة، والإفصاح بالحق فضيلة. .
وعمار بن ياسر أخذ بالرخصة وبلال بن رباح تمسك بالقرعة.