ليست خبراً للكل، إنما تقدير الخبر أن الله يصلي على النبي، والملائكة يُصلُّون على النبي.
وإذا كان الله يُصلِّي على النبي، والملائكة يُصلُّون على النبي، فماذا عنكم أنتم؟ يجب أنْ تُصلوا أنتم كذلك على النبي {ياأيها الذين آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً}[الأحزاب: ٥٦] .
سبق أنْ بينّا أن الصلاة من الله لها معنى، ومن الملائكة لها معنى، ومن المؤمنين المأمورين بها لها معنى، فكُلٌّ بحَسْبه، والصلاة في الأصل هي الدعاء، والدعاء يقتضي داعياً ومدعواً له ومدعواً، فمثلاً حين أدعو الله أنْ يغفر لفلان، فأنا الداعي، والله تعالى مدعو، وفلان مدعو له، فإذا كان المصلي والداعي هو الله عَزَّ وَجَلَّ، فمَنْ يدعو؟ إذن: معنى الدعاء لا يأتي مع الله تعالى.
لذلك قلنا: إنك لو نظرتَ إلى الأحداث تجد أن صاحبك مثلاً إذا قال لك أَعِدُك أنْ أعطيك غداً كذا وكذا، فهذا وَعْد منه، لا يملك هو من أسباب الوفاء به شيئاً، أما إنْ قال لك: أدعو الله أنْ يعطيك كذا وكذا، ونسب العطاء لله تعالى، فهذا أَرْجَى للتحقيق؛ لأنه منسوب إلى الله، فإنْ قبل الدعاء تحقق المطلوب، فإنْ كان الله تعالى هو الذي يأمر لك بهذا العطاء فلا بُدَّ أنْ تناله لا محالة.
إذن: الصلاة من الله ليست بمعنى الدعاء، إنما هي تنفيذ مباشر ورحمة شاملة وعامة، ويكفي من رحمته تعالى لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنْ جعله خاتم الرسل، فلا يستدرك عليه أحد، يكفيه من رحمته وإنعامه وثنائه عليه أنْ قرن اسمه باسمه؛ لذلك خاطبه بقوله:{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}[الشرح: ٤] .