قالوا:«إن الله فقير ونحن أغنياء» أو قالوا: الملائكة بنات الله. . إلخ هذه الأقوال التي ترتب عليها غضب الحق سبحانه؛ لأنه خليفته في الأرض لم يُؤَدِّ المطلوب منه على حَسْب منهج الله.
ونقول لهؤلاء: إياكم أنْ تظنوا أنكم بكفركم خرجتم من قبضة الحق سبحانه، بل أنتم في قبضته، وتحت مشيئته، ولو شاء سبحانه لقهركم على طاعته، أو خلقكم على هيئة الصلاح لا تأتي منكم المعصية كما خلق الملائكة، إنما جعلكم مختارين فيما كلفكم به، مَنْ شاء آمن، ومَنْ شاء كفر، ليعلم مَنْ يقبل عليه بحب لا بقهر.
والدليل على ذلك أنكم مخلوقون، على هيئتين. هيئة لكم فيها اختيار وهي التكاليف، وهيئة مقبوضين في قبضة الحق سبحانه وهي القضاء، فما دمتم تعودتم التمرد على التكاليف، فلماذا لا تتمرَّدُون على أقدار الله فيكم، كالمرض والموت مثلاً؟
ومع ذلك ما دُمْتَ قد اخترْتَ الكفر وأنا رَب، ومطلوب مني أنْ أعينك على ما تحب، فسوف أختم على قلبك، بحيث لا يدخله الإيمان، ولا يخرج منه الكفر الذي تحبه. إذن: أنا جئت على مرادك مما يدل على أن كفرك بي لا يضرني ولا يؤذيني.
وقد ورد في الحديث القدسي:(يا عبادي، إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضُرِّي فتضروني) .
وإنْ كانت لكم منطقة اختيار في الدنيا هي أمور التكاليف، فسيأتي يوم القيامة، ويمتنع الاختيار كله، فلا اختيارَ لأحد في شيء