كتاب تفسير الشعراوي

الأحزاب - ٦٠ - ج: 19 - ص: 12177

أما التحذير فأنْ تُخوِّفه من أمر مكروه ليجتنبه، كما تقول: الأسدَ الأسدَ، أو الكسلَ الكسلَ.

فمعنى {لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ... } [الأحزاب: ٦٠] أي: نُسلِّطك عليهم، ونُغريك بمواجهتهم والتصدِّي لهم، فكأن هذه المواجهة صارتْ أمراً محبوباً يُغْري به؛ لأنها ستكون جزاءَ ما فزَّعوك وأقلقوك.

وما دمنا سنسلطك عليهم، وما دمتم ستصيرون إلى قوة وشوكة تُغري بعدوها، فلن يستطيعوا البقاء معكم في المدينة.

{ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاَّ قَلِيلاً} [الأحزاب: ٦٠] أي: في المدينة، وكلمة {إِلاَّ قَلِيلاً} [الأحزاب: ٦٠] يمكن أنْ يكون المعنى: قليل منهم، أو قليل من الزمن ريَثْما يجدوا لهم مكاناً آخر، يرحلون إليه مُشيَّعين بلعنة الله.

{مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثقفوا أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً} [الأحزاب: ٦١] .

الملعون: المطرود من رحمة الله، أو مطرودون من المدينة بعد أنْ كشف الله دخائلَ نفوسهم الخبيثة؛ لذلك طردهم رسول الله من المسجد؛ لأنهم كانوا من خُبْثهم ولُؤْمهم يدخلون المسجد، بل ويُصلُّون في الصف الأول، يظنون أن ذلك يستر نفاقهم.

لكن رسول الله كان يطردهم بالاسم: يا فلان، يا فلان، فكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يعرفهم، ولم لا وقد قال الله له: {وَلَوْ نَشَآءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ ... } [محمد: ٣٠] .