{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً}[طه: ١٠٥] .
والمعنى: إن سألوك في المستقبل عن الجبال فقُلْ ينفسها ربي نَسْفاً، فالجواب مُعَدٌّ مسْبقاً لسؤال لم يُسأل بَعْد، لكنه لا بُدَّ أنْ يُسأل، وأنْ يقع منهم، وهذا وجه آخر من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم، وإلا فقد كان بإمكانهم ألاَّ يسألوا، لكن هيهات أنْ ينقض أحد كلام الله، أو ينقض علمه تعالى.
ما دام الله قال فلا بُدَّ أنْ يقولوا، وهذه المسألة أوضحناها في قوله تعالى:{تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَآ أغنى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سيصلى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ وامرأته حَمَّالَةَ الحطب فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ}[المسد: ١ - ٥] .
فحكم الله تعالى على هذا الكافر العنيد أنه سيموت على كفره، وسيكون مصيره وزوجته النار، وقد سمع أبو لهب وامرأته هذه الآية، وعرفوا صِدْقها، لكنه مع ذلك لم يؤمن ولو نفاقاً، وقد آمن مَنْ هو أشدُّ كفراً وعناداً، أمثال: عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد وغيرهما.
لكن الذي حكم وأخبر أنه لن يؤمن يعلم أنه سينتهي إلى هذه النهاية مهما حذَّره وأنذره؛ لذلك كان أبو لهب مثالاً لغباء الشرك، فلو أنه جاء في مَحْفل من محافل قريش بعد نزول هذه السورة، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله لأحرجَ رسول الله وكذَّب القرآن، لكن لم يحدث شيء من هذا، وما كان ليحدث بعد أنْ قال الله، مع أنه حُرٌّ مختار.
وفي آية واحدة من كتاب الله وردت الإجابة عن السؤال غير مُصدَّرة (قُلْ) ولا (فقل) ، وهي قوله سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ