إن قول الحق سبحانه وتعالى فيما يعلّمه لرسول الله ليقول لهم:{فاتبعوني يُحْبِبْكُمُ الله} أي أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ المرسل من عند الله جاء بكل ما أنزله الله ولم يكتم شيئا مما أُمِرَ بتبليغه، فلا يستقيم أن يضع أحد تفريقا بين رسول الله وبين الله، لأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مبلغ عن الله كل ما أنزل عليه.
وبعد ذلك يقول الحق:{وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} إن مسألة {وَيَغْفِرْ لَكُمْ} هذه تتضمن ما تسميه القوانين البشرية بالأثر الرجعي، فمن لم يكن في باله هذا الأمر؛ وهو حب الله، واتباع الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فعليه أن يعرف أن عليه مسئولية أن يبدأ في هذه المسألة فورا ويتبع الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وينفذ التكليف الإيماني، وسيغفر له الله ما قد سبق، وأي ذنوب يغفرها الله هنا؟ إنها الذنوب التي فر منها بعض العباد عن اتباع الرسول، فجاء الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بالحكم فيها.
وهكذا نعرف ونتيقن أن عدالة الله أنه سبحانه لن يعاقب أحدا على ذنب سابق ما دام قد قبل العبد أن ينفذ التكليف الإيماني، إن الذين أبلغهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان يجب عليهم أن يفطنوا بعقولهم إلى ما أعلنه الرسول لهم، إن هذا الأمر لا يكون حجة إلا بعد أن صار بلاغا، وقد جاء البلاغ، ولذلك يغفر الله الذنوب السابقة على البلاغ، وبعد ذلك يقول الحق:{والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} إننا نعلم أن المغفرة من الله والرحمة منه أيضا، وبعد ذلك يقول الحق:{قُلْ أَطِيعُواْ الله والرسول ... }