المولود، فأفاض الحق عليهم نعمة أخرى وهي تسمية المولود بعد أن وهبه لهما. . هنا وقفة عند الهبة بالاسم. {فَنَادَتْهُ الملائكة وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي المحراب أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بيحيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ الله وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصالحين}[آل عمران: ٣٩] .
حين يولد للناس ولد فهم يسمونه، فالتسمية أمر شائع في عادات الناس. ولكن من يهمهم أمر الوليد حينما يقبلون على تسميته؛ فهم يحاولون أن يتفاءلوا؛ فيسموه اسما يرجون أن يتحقق في المسمى، فيسمونه «سعيدا» أملا في أن يكون سعيدا، أو يسمونه «فضلا» أو يسمونه «كريما» .
إنهم يأتون بالاسم الذي يحبون أن يجدوا وليدهم على صفته وذلك هو الأمل منهم ولكن أتأتي المقادير على وفق الآمال؟
قد يسمونه سعيدا، ولا يكون سعيدا. ويسمونه فضلا، ولا يكون فضلا. ويسمونه عزا، ولا يكون عزا. ولكن ماذا يحدث حين يسمى الله سبحانه وتعالى؟ لا بد أن يختلف الموقف تماما، فإذا قال اسمه {يحيى} دل على أنه سيعيش. وقديما قال الشاعر حينما تفاءل بتسمية ابنه يحيى:
فسميته يحيا ليحيا ... فلم يكن لرد قضاء الله فيه سبيل
كان الشاعر قد سمى ابنه يحيى أملا أن يحيا، ولكن الله لم يرد ذلك، فمات الابن. لماذا؟ لأن المسمىِّ من البشر ليس هو الذي يُحْيِي، إن المسمى إنسان قدرته عاجزة، ولكن «المحيى» له طلاقة القدرة، فحين يسمى من له طلاقة القدرة على إرادة أن يحيا فلا بد من أن يحيا حياة متميزة؟ وحتى لا تفهم أن الحياة التي أشار الله إليها بقوله:«اسمه يحيى» بأنها الحياة المعروفة للبشر عادة - لأن الرجل حينما يسمى ابنه «يحيى» يأمل أن يحيا الابن متوسط الأعمار، كما يحيا الناس ستين عاما، أو سبعين، أو أي عدد من السنوات مكتوبة له في الأزل.
لكن الله حينما يسمى «يحيى» فانه لا يأخذ «يحيى» على قدر ما يأخذه الناس،