مختلفا، و» بإذن الله «هنا تضم صناعة الطير، والنفخ فيه.
إن عيسى لم يكن ليجترئ ويصنع ذلك كله إلا بإذن الله، وجاءت كلمة» بإذن الله «من عيسى وعلى لسانه كاعتراف منه بأن ذلك ليس من صناعته، وكأنه يقول لقومه: إن كنتم فتنتم بهذه.
فكان يجب أن تفتنوا بإبراهيم من باب أولى، حينما قطَّع الطير وجعل على كل جبل جزءا منهن ثم دعاهن. {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الموتى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بلى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطير فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجعل على كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادعهن يَأْتِينَكَ سَعْياً واعلم أَنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[البقرة: ٢٦٠] .
إذن كان من الأولى الفتنة بما أعطاه الله إبراهيم عليه السلام من معجزة، فإن كانت الفتنة من ناحية الإحياء لكان ما صنعه إبراهيم عليه السلام أولى بها، وإن كانت الفتنة من ناحية أنه جاء إلى الدنيا بدون أب لكانت الفتنة أكثر في خلق آدم، لأن الله خلقه بلا أب أو أم. إذن فالفتنة لا أصل لها ولا منطق يبررها. . ويتابع الحق سبحانه على لسان عيسى ابن مريم عليه السلام {وَأُبْرِىءُ الأكمه والأبرص وَأُحْيِ الموتى بِإِذْنِ الله} .
لماذا تعرض عيسى ابن مريم لهذين المرضين؟ لأنها كانت الأمراض المستعصية في ذلك العصر، والأكمه هو الذي ولد أعمى أي لم يحدث له العمى من بعد ميلاده. والبرص، هو ابيضاض بقعة في الجلد وإن كان صاحبها آدم أو أسود. وبعد ذلك تنتشر بقع متناثرة في كافة الجسم بلون أبيض، مما يدل على أن لون الجلد له كيماويات في الجسم تغذى هذا اللون، فإن مُنعت الكيماويات في الجسم صار أبرص.
وتبين صدق هذا في أن العلم المعاصر قد عرف أن الملونات للجلد هي غدد خاصة توجد في الجسم، واسمها الغدد الملونة، فإن امتنعت الغدد الملونة من إعطاء الألوان، جاء البرص والعياذ بالله. وهو مرض صعب، لم يكن باستطاعتهم أن