يكون سؤال عيسى ابن مريم {مَنْ أنصاري إِلَى الله} ؟ فقد أفاد المعنيين معاً. وكانت الإجابة:{قَالَ الحواريون نَحْنُ أَنْصَارُ الله آمَنَّا بالله واشهد بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} .
والحواريون مأخوذة من الحور، وهو شدة البياض وهم جماعة أشرقت في وجوههم سيماء الإيمان فكأنها مشرقة بالنور. ونور الوجه لا يقصد به البشرة البيضاء، ولكن نور الوجه في المؤمن يكون بإشراقة الإيمان في النفس، ولذلك يصف الحق المؤمنين برسالة رسول الله محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله والذين مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الكفار رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ الله وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ السجود}
[الفتح: ٢٩] .
فحتى لو كان المؤمن أسود اللون فإن له سمة على وجهه. كيف ولماذا؟ لأن الإنسان مكون من أجهزة، ومكون من ذرات، وكل جهاز في الإنسان له مطلوب محدد وساعة أن تتجه كل الأجهزة إلى ما أراده الله، فإن الذي يحدث للإنسان هو انسجام كل أجهزته، وما دامت الأجهزة منسجمة فإن النفس تكون مرتاحة، ولكن عندما تتضارب مطلوبات الأجهزة، تكون السحنة مكفهرة.
عندما قال عيسى:{مَنْ أنصاري إِلَى الله} سمع الاستجابة من الحواريين، والحواريون قوم لهم إشراقات انسجام النفس مع الإيمان، أو هم قوم بيض المعاني أي أن معانيهم بيضاء ومشرقة. والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سمى بعضا من صحابته حواري رسول الله وهم الذين جعلهم رسول الله معه طوال الوقت.
وحين قال الحواريون:{نَحْنُ أَنْصَارُ الله} كان ذلك يعني أن كل إنسان منهم يريد نصرة الله. فينضم إلى الله ناصرا للمنهج وهذا يتطلب أن يعرف كل منهم المنهج. ونحن نعرف مقومات النصرة لله. إنه الإيمان: وما الإيمان؟ إنه اطمئنان القلب إلى قضية ما، هذا هو الإيمان في عمومه. فلو لم أكن مؤمنا بأن الطريق الذي أسير فيه موصلٌ إلى غاية مطلوبة لي لما سرت فيه.
مثال ذلك المسافر من القاهرة إلى دمياط لو لم يعتقد صحة الطريق لما سلك هذا الطريق، وإن لم اعتقد أنني إن لم أذاكر دروسي سوف أرسب لما ذاكرت. إذن فكل أمر