إن الذي اتبع واحدا على ضلال يأتي يوم القيامة ليجد أن صاحب الضلال يتبرأ منه، فيقول المتبعون سائلين الله: يارب ارجعنا إلى الدنيا لننتقم ممن خدعونا، هذا من ناحية علاقة البشر بالبشر. أما من ناحية الجسد الواحد نفسه، فسوف نجد شهادة الجلود والألسنة والأيدي، بعد أن تسقط عنها إرادة الإنسان ويسقط تسخير الحق لهذه الجوارح والحواس لخدمة الإنسان، تقول الجوارح والحواس: لقد كانت لصاحبي إرادة ترغمني على أن أفعل ما لا أحب، لكن ها هو ذا يوم القيامة، فلا قهر ولا إرغام ولا تسخير لأن الملك كله لله. . لذلك تشهد الألسنة والجلود ولهذا يقول الحق:{ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} .
إن الحق يحكم فيما كانوا فيه يختلفون لتكون ثمرة الحكم هي ماذا؟ هل هناك تكليف بعد ذلك؟ لا. . لكن ثمرة الحكم هي الجزاء. ففي الآخرة لا عمل هنالك، والحكم فيها للجزاء، وكما قلنا: مادام هناك متبعون وكافرون، وجماعة فوق جماعة، وإلى الله مرجعهم، فلا بد لنا أن نرى ما هو الحكم الذي سوف يكون؟ ها هو ذا القول الحكيم:{فَأَمَّا الذين كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي الدنيا والآخرة ... }