نُبَيِّن الرأيين معا: وهنا نتساءل: لماذا فتنتم في ذلك؟ يقولون: لقد أحيا عيسى الموتى، ونقول لهم: ألم تأخذوا تاريخ إبراهيم عليه السلام حينما قال الله له: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الموتى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بلى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطير فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجعل على كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادعهن يَأْتِينَكَ سَعْياً واعلم أَنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
[البقرة: ٢٦٠] .
إذن فمجال الفتنة في إبراهيم عليه السلام كبير، وكذلك، ألم يجيء موسى عليه السلام بآية هي العصا؟ إنه لم يجيء ميتا كانت فيه حياة، إنما أجرى الله على يديه خلق الحياة فيما لم تثبت له حياة، فأصبحت العصا - وهي جماد - حية تسعى لماذا إذن لم تفتنوا في عصا موسى عليه السلام؟
وهكذا نعرف انه لا يصح أن يفتن أحد في المعجزة التي جاءت بعيسى عليه السلام، أو في إحيائه الموتى بإذن الله، وأتباع عيسى عليه السلام يتفقون معنا أن الله سبحانه وتعالى غيب، ولكنهم يختلفون معنا فيقولون: إن الله أراد أن يؤنس البشر بصورة يتجلى لهم فيها بشرا فجاء بعيسى عليه السلام ليتحقق لهم ذلك الأنس.
ونقول لهم: سنبحث هذه المسألة بدون حساسية، وبدون عصبية، بل بالعقل، ونسأل «هل خلق الله عيسى ليعطي صورة للإله؟ إن عيسى كان طفلا، ثم كبر من بعد ذلك، فأي صورة من صورة المرحلية كانت تمثل الله؟
إن كانت صورة طفل فهل هي صورة الله؟ وإن كانت صورة كهل فهل هي صورة الله؟ إن لله صورة واحدة لا نراها ولا نعرف كنهها فهو سبحانه» ليس كمثله شيء «، فأية صورة من الصور التي تقولون: إنها صورة الله؟
وإن كان الله على كل هذه الصور فمعنى ذلك أن لله أغيارا وهو سبحانه منزه عن ذلك، ولو كان على صورة واحدة لقلنا: إنه الثبات والأمر كذلك فهو -