إذن فالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جاءهم بالأمر المنزل من عند الله الحق بدعوة الأبناء والنساء والأنفس، لكنهم قالوا للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«أَنْظِرْنا إلى غد ونأتي إليك» .
ثم أرسلوا في الصباح واحدا منهم ليرى ماذا فعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؟ وهل هو مستعد لهذا الأمر حقيقة، أو هو مجرد قول منه أراد به التهديد فقط؟ ووجد رسولهم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد جاء ومعه الحسين والحسن وفاطمة وعلي بن أبي طالب، لذلك قالوا:«لا لن نستطيع المباهلة» ، والله ما باهل قوم نبيا إلا أخذوا، وحاولوا ترضية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وقالوا:«لنظل على ديننا ويظل محمد وأتباعه على دينه» لقد ظنوا ان الدعوة إلى المباهلة هي مجرد تهديد لن ينفذه الرسول، لكن صاحب اليقين الصادق جاء ومعه أهله استعدادا للمباهلة، ولن يُقبل على مثل هذا الموقف الا من عنده عميق الإيمان واليقين، أما الذي لا يملك يقيناً فلن يقبل على المباهلة بل لا بد ان يرجع عنها.
وقد رجعوا عن المباهلة، وقالوا للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: لنتفق معا ألا تغزونا أو تخيفنا على أن نرسل لك الجزية في رجب وفي صفر وهي من الخيل وغير ذلك! لقد فروا من المباهلة لمعرفتهم أنهم في شك من أمرهم، أما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فكان على يقين بما أنزل الله عليه وكان العرب إذا خرجوا إلى الحرب يأخذون نساءهم معهم، لذلك حتى يخجل الرجل من الفرار، وحتى لا يترك أولاده ونساءه لكيلا يذلوا من بعد موته، فإن قُتِلَ قُتلوا معه هم أيضا.
إذن إن أردنا نحن الآن أن ننهي الجدل في مسألة عيسى عليه السلام فلنسمع قول الحق سبحانه وتعالى:{إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ الحق مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِّن الممترين} إنه الحق القادم من الربوبية فلا تكن أيها السامع من الشاكين في هذه المسألة. ومن أراد أن يأتي بحجة مضادة للحجة القادمة من الله فلنا أن نحسمها بأن نقول:{تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ الله عَلَى الكاذبين} .
ولن يجرؤ واحد منهم على ذلك. لماذا؟ لأن السابقين عليهم قد فروا من المباهلة