من تطبيق المنهج بتمامه، لقد علم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ما علّمه الحق سبحانه لسيدنا إبراهيم عليه السلام عن إرث النبوة، فليس هذا الإرث بالدم، إنما بتطبيق المنهج نصا وروحا، كما تعلم سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مما علّمه له الحق عن نوح عليه السلام، لقد وعد الحق نوحا بأن ينجيه وأهله من الطوفان.
ويرى نوح عليه السلام ابنه مشرفا على الغرق، فيتساءل «ألم يعدني الله ان ينجي أهلي؟» فينادي نوح عليه السلام ربَّه، بما أورده القرآن الكريم حين قال:{وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابني مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الحق وَأَنتَ أَحْكَمُ الحاكمين}[هود: ٤٥] فيقول الحق ردا على طلب نوح نجاة ابنه: {قَالَ يانوح إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إني أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الجاهلين}[هود: ٤٦] .
ولننظر إلى التعليل القرآني لانتفاء الأهلية عن ابن نوح عليه السلام {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} ؟ لماذا؟ {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} . إن الحق لم يقل «إنه عامل غير صالح» - الذاتية ممنوعة - لأن الفعل هو الذي يحاسب به الله؛ فالإيمان ليس نسبا، ولا انتماء لبلد ما، أو انتماء لقوم ما، إنه العمل، فمن يعمل بشرع أي رسول يكون من أهل هذا الرسول، إنَّ النسبة للأنبياء لا تأتي للذات التي تنحدر من نسب النبي، بل يكون الانتساب للأنبياء بالعمل الذي تصنعه الذات.
وفي موقع آخر يعلمنا الحق عن سيدنا إبراهيم موقفا يصور رحمة الخالق بكل خلقه من آمن منهم ومن كفر. لقد طلب إبراهيم عليه السلام سعة الرزق لأهل بيته الذين جعل إقامتهم بمكة، كما جاء في الكتاب الكريم: