عليه، قال لنا:{أَفَغَيْرَ دِينِ الله يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السماوات والأرض طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} . إن من يبغي غير دين الله ليس منطقيا مع نفسه أو مع الكون؛ لأن الكون كله لله بما فيه ومن فيه من السماوات والأرض، وكذلك الإنسان الذي ارتضى منهج الله، وأيضا أسلم الكافر لله فيما ليس له فيه اختيار.
«وأسلم» في هذا السياق القرآني الكريم تعني أنه خضع وسُخر، وقُهر على أن ينفذ، ولكن الحق سبحانه أورد عن السماء والأرض قال:{قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ}[فصلت: ١١] . إن المألوف أن ترضخ السماء والأرض لأمر الله، وعندما «قالتا أتينا طائعين» فقد كسبت السماء والأرض الإسلام لله، فإلى الله كل مرجع فالإنسان - مؤمنا كان أو كافرا - سيعود إلى الله حتما.
وكلمة «يرجعون» التي تأتي في تذييل الآية يمكننا أن نراها في مواقع أخرى من القرآن مرة تأتي مبنية للمفعول وننطقها «يُرجعون» بمعنى أنهم مقهورون على الرجوع إلى الله، ونجدها في مواقع أخرى في القرآن كفعل مبنى للفاعل فننطقها {يُرْجَعُونَ} ، أي أنهم يريدون الإسراع في العودة إلى الله، وفي هذه الآية نفهم أن الذين يبغون غير دين الله لا يرغبون أن يعودوا إلى الله لذلك يتم إرجاعهم بالقهر، فسبحانه وتعالى يقول:
{يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا}[الطور: ١٣] .
ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك:{قُلْ آمَنَّا بالله وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ على إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ والأسباط ... }