للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لماذا؟ لأن المجتمع حينئذ يكون مبنيا على النفاق واختلال الأمور، لا على الإتقان والإخلاص. فالذي يجيد النفاق هو الذي يصل إلى الدرجات العلا، والذي يتقن عمله لا يصل إلى شيء. وتكون النتيجة أن مجموعة من المنافقين الجهلة هم الذين يسيرون الأمور بدون علم. والفساد في الأرض هو أن يضيع الحق. ويضيع القيم. ويصبح المجتمع غابة. كل إنسان يريد أن يحقق هواه بصرف النظر عن حقوق الآخرين. ويحس من يعمل ولا يصل إلى حقه. . أنه لا فائدة من العمل، فيتحول المجتمع كله إلى مجموعة من غير المنتجين.

والفساد في الأرض هو أن نجعل عقولنا هي الحاكمة. فلا نتأمل في ميزان الكون الذي خلقه الله، وإنما نمضي بعقولنا نخطط. . فنقطع الأشجار ونرمي مخلفات المصانع في الأنهار فنفسدها. ونأتي بالكيماويات السامة نرش بها الزرع أو مجاري المياه والأنهار كما يحدث الآن فنملؤه سُما ثم نأكله ثم نجد التلوث قد ملأ الكون. وطبقة الأوزون قد أصابها ضرر واضح يعرض حياة البشر على الأرض لأخطار كبيرة. وتفسد مياه الأنهار. ولا تصبح صالحة للشرب ولا للري. ويضيع الخير من الدنيا بالتدريج. والفساد في الأرض. هو أن ينتشر الظلم. وتصبح الحياة سلسلة لا تنتهي من الشقاء. والفساد في الأرض هو أن تضيع الأمانة.

فتفسد المعاملات بين الناس. وتضيع الحقوق.

هذه هي بعض أوجه الفساد في الأرض. والله سبحانه وتعالى قد وضع قانونا كليا، هو منهجه ليتعامل به الناس. ولكن الناس تركوه. ومشوا يتخبطون في ظلام الجهل. قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «من استعمل رجلا من عصابة، وفيهم من هو أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين»

وهكذا يكون مدى حرص الإسلام على استقامة أمور الناس.

ثم يقول الحق سبحانه وتعالى: {أولئك هُمُ الخاسرون}

خسروا ماذا؟ خسروا دنياهم وآخرتهم وخسروا أنفسهم. لأن الإنسان له حياتان. . حياة قصيرة في الدنيا مليئة بالمتاعب. وحياة طويلة خالدة في الآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>