بالناس جميعا. بعد ذلك يقول الحق سبحانه عن البيت الحرام:{وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} . وهنا يجب أن نفهم أن هناك فارقا بين أن يكون «الخبر» تاريخا للواقع، وبين أن يكون «الخبر» خبرا تكليفيا فلو كان {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} تاريخا للواقع لتم نقض ذلك بأشياء كثيرة، فقد وجد فيه قوم ولم يأّمَنوا.
ونحن نعرف حادث الاعتداء الأخير الذي حاوله جهيمان منذ سنوات قال الناس: إن جهيمان عندما اعتدى على الناس، لم يستطع حجيج بيت الرحمن أن يكونوا آمنين في البيت وتساءل بعضهم، فكيف قال الحق:{وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} ؟ بل قال بعض أهل الانحراف: إذن مسألة دخول جهيمان إلى البيت الحرام تجعل {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} ليست صادقة! ولهؤلاء نقول:
إن هناك فرقا بين إخبار الحق بواقع قد حدث، وبين إخبار بتكليف.
إن الإخبار بالواقع كان معناه ألا يدخل أحد البيت الحرام ويهيجه أو يهاجمه أحد أبدا، ولكن الإخبار التكليفي معناه: أن يخبر الله بخبر ويقصد به تكليف خلقه به، والتكليف كما نعرف عرضة لأن يطاع، وعرضة لأن يعصى، فإذا قال الله سبحانه:{وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} فهذا معناه: يأيها المؤمنون، من دخل البيت الحرام فأمنوه. ونضرب المثل - ولله المثل الأعلى - تقول أنت لولدك: يا بني هذا بيت يفتح للضيوف من دخله يكرم. أهذا يدل على إنجاز الإكرام لكل من دخل هذا البيت وحصوله له بالفعل وأن هذا لا يتخلف أبداً أم أنك قلت الخبر وتريد لولدك أن ينفذه؟
إن هذا خبر يحمل أمرا لابنك هو ضرورة إكرام من يدخل هذا البيت، وتلك الوصية عرضة لتطاع وعرضة لأن تخالف، لذلك فنحن نفهم من قول الحق:{وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} على أساس أنها أمر تكليفي، عرضة للطاعة وللعصيان، ومثال آخر على ذلك هو قول الله تعالى:{الخبيثات لِلْخَبِيثِينَ والخبيثون لِلْخَبِيثَاتِ والطيبات لِلطَّيِّبِينَ والطيبون لِلْطَّيِّبَاتِ أولئك مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}[النور: ٢٦]
بعض الناس يقول: نجد واقع الحياة غير ذلك، حيث نجد امرأة طيبة تقع