استطاعتك أو لا، وساعة يكون الأمر خارجاً عن استطاعتك فالله هو الذي يخفف عنك. ولذلك فعلى الإنسان ألا يستخدم القول الحق:{لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦]
في غير موضعه؛ لأن الإنسان لا يستطيع أن يقدر الوسع، ثم يبني التكليف على الوسع. بل عليك أن تفهم أيها الإنسان أن الله هو الذي خلق النفس، وهو الذي أنزل التكليف لوسع النفس، وما دام الخالق للنفس هو الله فهو العليم بوسع النفس حينما قرر لها المنهج. إنه سبحانه الذي كلف، وهو العليم بأن النفس قد وسعت، ولذلك فهو لا يكلف نفسا إلا وسعها. فإن كان سبحانه قد كلف فأعلم أيها العبد أنه سبحانه قد كلف بما في وسعك، وعندما يحدث للإنسان ما يشق عليه أو يمنعه من أداء ما كلف به تامّاً فهو - سبحانه - يضع لنا التخفيف وينزل لنا الرخص. مثال ذلك: المريض أو الذي على سفر، له رخصة الإفطار في رمضان، والمسافر له أن يقصر الصلاة.
إذن فالله سبحانه هو الذي علم حدود وسع النفس التي خلقها، ولذلك لا تقدر وسعك أولا ثم تقدر التكليف عليه، ولكن قدّر التكليف أولا، وقل: ما دام الحق قد كلف فذلك في الوسع. وفي تذييل الآية الكريمة بقوله:{وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ} نجد أنفسنا أمام نهي عن فعل وهو: عدم الموت إلا والإنسان مسلم.
كيف ذلك؟ أيقول لك أحد: لا تمت؟ إن ذلك الأمر ليس لك فيه اختيار؛ لأنه أمر نازل عليك. فإذا قيل لك: لا تمت، فإنك تتعجب؛ لأن أحدا لا يملك ذلك، ولكن إذا قيل لك: لا تمت إلا وأنت مسلم، فأنت تفكر، وتصل بالتفكير إلى أن الفعل المنهي عنه: لا تمت ليس في قدرة الإنسان؛ ولكن الحال الذي يقع عليه الفعل وهو: إلا وأنت مسلم، في قدرة الإنسان؛ لذلك تقول لنفسك: إن الموت يأتي بغير عمل مني، ولكن كلمة: إلا وأنت مسلم، فهي باستطاعتي، لأن الإسلام يكون باختياري.
صحيح أنك لا تعرف متى يقع عليك الموت؟ ولذلك تحتاط والاحتياط يكون بأن تظل مسلما حتى يصادفك الموت في أي لحظة وأنت مسلم.