لا يعرفه إلى أمر يعرفه. والحق سبحانه يضرب لنا المثل بالأمور الحسية، لنفهم الأمور المعنوية، والله يوضح لنا أن الذين كفروا ساعة تكون لهم آلهة متعددة فملكاتهم تصاب بالاضطراب يقول - سبحانه -: {ضَرَبَ الله مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الحمد للَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}[الزمر: ٢٩]
إنه سبحانه يوضح لنا بالمثل الواضح مصير وحال رجل مملوك لعدد من الشركاء، والشركاء الذين يملكون هذا العبد ليسوا متفقين، بل بينهم نزاع وشقاق، وبطبيعة الحال لا بد أن يكون هذا العبد مرهقا، وهكذا تكون قضية الشرك بالله، إن العبد في مثل هذه الحالة يكون مُشتّتاً وموزع النفس بين الذين يملكونه وهم متشاكسون، أما قضية التوحيد فالحق يشبهها بالقول:{وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ} .
وهكذا ينقلنا الحق سبحانه - رحمة بنا - من المعنى العقدي العالي إلى معنى محس من الجميع، لنرى أن الرجل المملوك لسيد واحد يتلقى أوامره من واحد فقط، وكذلك يريد الله في هذه الآية أن يضرب مثلا لمن ينفق شيئا على غير نية إرضاء الله في طاعته، فمهما أنفق هذا الإنسان فإن إنفاقه حابط. ونحن عندما نقرأ أمثال القرآن الكريم علينا ألا نأخذ جزئية فقط، لا، لكن يجب أن نأخذ الجملة كلها لنفهم المثل كله كصورة مؤتلفة مثلما ضرب الله لنا مثلا بالشركاء المتشاكسين الذين يملكون رجلا، فعلينا إذن ألاّ نأخذ المثل بحرفيته، ولكن نأخذ الأمر بمجموع المثل. مثال آخر، يقول الحق سبحانه:{واضرب لَهُم مَّثَلَ الحياة الدنيا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السماء فاختلط بِهِ نَبَاتُ الأرض فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرياح وَكَانَ الله على كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً}[الكهف: ٤٥]
فهل الحياة الدنيا كالماء؟ لا، ولكن قصة الحياة كلها، تشبه القصة التي يضربها الحق كمثل، الماء حين ينزل يختلط بالأرض، وبعد ذلك تهتز، فتعطى نباتا، والنبات ينتج الزهر الجميل، وبعد ذلك ينتهي إلى هشيم، هكذا هي الدنيا في