أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} كان ذلك فرصة أمامهم ليدفعوا عن أنفسهم لو كانت صدورهم خالية من الحقد. لكنهم عرفوا ان الله قد علم ما في صدورهم. إن الغيظ الذي في قلوب هؤلاء الجاحدين الحاقدين قد نضح على ألسنتهم، ولكن مَن الذي نقل إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وصحابته ما في صدور الكافرين مما هو أكثر من ذلك؟
إنه الله - جلت قدرته - قد فضحهم بما أنزل من قوله تعالى:{وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} إذن لم يعد لمن آمن بالله حجة؛ لأن الله أعطاه المناعات القوية لصيانة ذلك الإيمان، وأوضح الحق للمؤمنين أن أعداءهم لن يدخروا وسعا أبدا في إفساد انتمائهم لهذا الدين، فيجب أن ينتبه المؤمنون.
وإذا ما دققنا التأمل في تذييل الآية نجد أن الحق قال:{قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} إذن، فالآيات المنزلة من الله تعالى توضح ذلك، وقد قلنا من قبل: إن الآيات، إما أن تكون آيات قرآنية، وإما أن تكون آيات كونية، فالقرآن له آيات، والكون له آيات. ولنسمع قول الحق بالنسبة للقرآن:{وَإِذَا بَدَّلْنَآ آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ والله أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قالوا إِنَّمَآ أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}[النحل: ١٠١]
وفي مجال الكون يقول الحق سبحانه:{وَمِنْ آيَاتِهِ الليل والنهار والشمس والقمر لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ واسجدوا لِلَّهِ الذي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}[فصلت: ٣٧]
وهكذا نعلم أن الآية هي الشيء العجيب اللافت الذي يجب أنه ننتبه إليه لنأخذ منه دستورا لحياتنا. وعلى ذلك، فالآيات القرآنية تعطي المنهج، والآيات الكونية