ويقال أيضاً: جلس، وقعد، فالمعنى العام يكاد يكون واحداً، لكن المعنى الدقيق يوضح أن الجلوس يكون عن اضطجاع. والقعود عن قيام، كان قائماً فقعد، والاثنان ينتهيان إلى وضع واحد، فكذلك «قَرح» و «قُرح» كل لفظ له معنى دقيق.
ويقولون - مثلاً -: إن للأسد أسماء كثيرة، فقال:«الأسد» و «الغضنفر» و «الرئبال» و «الوَرْد» و «القسْورة» . وصحيح هذه أسماء للأسد، ولكن لكل اسم معنى محدد، ف «الأسد» هو اللفظ العام والعَلَم على هذا الحيوان، و «الغضنفر» هو الأسد عندما ينفش لبدته، و «الوَرْد» هو حالة الأسد عندما يكون قد مط صلبه، فكل موقف للأسد له معنى خاص به.
وقوله الحق:{إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القوم قَرْحٌ مِّثْلُهُ} لا حظ أن المتكلم هو الله فافطن جيداً إلى مرارات كلامه. ونعرف أنه في الشرط والجواب، أن الشرط يأتي أولا ثم يأتي الجواب من بعد ذلك مترتبا عليه ونتيجه له، كقولنا «إن تذاكر تنجح» إن النجاح هو جواب لشرط وهو الاستذكار.
وقوله الحق:{إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القوم قَرْحٌ مِّثْلُهُ} فهل المعنى المراد من هذه الجملة الشرطية أن مس القرح للكافرين الذي حدث في بدر كان كجزاء لمس القرح للمؤمنين في أحد؟ لا، إنه لا يكون أبداً جواباً لشرط؛ لأنه لو كان جواب شرط لقال الحق: إن يمسسكم قرح فسيمس القوم قرح مثله. ولكنه لم يقل ذلك لأن القرح الذي أصاب المشركين في بدر كان أسبق من القرح الذي أصاب المؤمنين في أحد.
وكأن الحق يقول: إن يمسسكم قرح فلا تبتئسوا؛ فقد مس القوم قرح مثله، وليس ذلك جواب الشرط، ولكنه جاء ليُستدل به على جواب الشرط، أي أنه تعليل لجواب الشرط، أقول ذلك حتى لا يتدخل دعيّ من الأدعياء ويتهم القرآن - والعياذ بالله - بما ليس فيه.
إنه - سبحانه - يثبت المؤمنين ويسلّيهم. ومثال ذلك ما نقوله نحن لواحد إذا أصابته كارثة: