وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«لقد رأيتني يوم أحد وما في الأرض قربى مخلوق غير جبريل عن يميني وطلحة عن يساري» .
إذن فالمعركة بكل أحوالها عُرضت عليه، ومع ذلك أقبل رسول الله على المعركة ليستدل من ذلك على أن الله أعطاه المناعة قبل أن يخوض المعركة. هذا ما يتعلق به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، لقد رأى فأول، وأما الذي يتعلق بالناس، فيأتي إلى واحد من قتلى المعركة - وقتلى المعركة، لا يُغسلون؛ لأن الذي يغسل هو من يموت في غير معركة - يأتي الرسول إلى واحد من هؤلاء الشهداء فيقول:«إن صاحبكم لتغسله الملائكة» - يعني حنظلة - المؤمنون يرون أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد خرج عن القاعدة في الشهداء. كيف؟ لقد أخبر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بالخبر بعد ذلك. . ولا يُخرج حنظلة عن قانون الشهداء أنه يُغسّل. . ولكن الذي يغسله هم الملائكة. . إن الملائكة تغسل حنظلة.
وبعد أن رجع رسول الله إلى المدينة يسأل أهله ما شأنه. . فيعلم أن حنظلة قد دخل بعروسه. . ثم نودي للمعركة. . فأعجله نداء المعركة. . فذهب إلى المعركة جُنبا. . فذلك غُسْل الملائكة له، لقد تأكد الخبر من زوجة حنظلة. . إذن فهذه شهادة أخرى أن الله سبحانه وتعالى لم يتخل عنهم في أوقات الضعف، وأن تلك العملية كانت عملية مقصودة.
إن الحق سبحانه وتعالى يعطي الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أشياء لتؤكد لنفسه أنه رسول الله. ألم نقل سابقاً: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جاء له صحابته فقالوا يا رسول الله: إن جابر بن عبد الله عليه دين ليهودي وأجل الدين إلى جَزّ التمر وتمُره خَاسَ هذا العام أي فسد من آفةٍ مثلاً فنحب يا رسول الله أن تطلب من اليهودي أن يُنظر جابرا - أي ينتظر عليه ويؤخره إلى وقت آخر - فذهب رسول الله إلى اليهودي وطلب منه أن يُنظر جابرا، فلم يرض اليهودي وقال: لا يا أبا القاسم.