ما يشاء في كونه. وكما قلنا إن تمييز الأدنى عن الأعلى. لا يتم إلا بفعل الله وحده.
ولكي نقرب هذا إلى العقول: هب أن إنسانا ضعيفا يريد أن يحمل حملا ثقيلا. . لا يقدر. وإذا كان هناك إنسان قوي يعينه فإنه لا يستطيع أن يعطيه من قوته ليحمل هذا الحمل. ولكن يعينه بأن يحمل عنه. أما الذي يستطيع أن يجعل هذا الضعيف قويا يمكنه أن يحمل هذا الحمل الثقيل فهو الله سبحانه وتعالى. . فالإنسان لا يستطيع أن يعطي إنسانا آخر من قوته. ولكن الله وحده هو القادر على أن يجعل الضعيف قويا والقوي ضعيفا.
وقوله تعالى:{إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وهل يكذب الملائكة؟ إن الملائكة خلق من نور يسبحون الله. ويفعلون ما يؤمرون. . نقول إن قوله تعالى {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هؤلاء إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ} فيما قستم عليه الأحداث. أو فيما قلتموه ضربا بالغيب.
ولو أن الملائكة قاسوا حكمهم على حكم جنس آخر كان في الأرض كالجن مثلا الذين خلقوا قبل الإنسان. . يقول الحق تعالى أنكم أخطأتم في قياسكم هذا. أو إن كنتم صادقين فيما تنبأتم به من غيب؛ فلا يعلم الغيب إلا الله تعالى. فالقياسان جانبهما التوفيق.
وليس هذا طعنا في الملائكة. ولكنه تصحيح لهم. وتعريف لنا بأن الملائكة لا يعلمون الغيب. ولذلك فهم حينما قاسوا أو حكموا على غيب. . جانبهم التوفيق. لأن الله وحده هو علام الغيوب. والذي دفع الملائكة إلى أن يقولوا أو يبطنوا هذا الكلام هو حبهم الشديد لله تعالى. . وكراهيتهم لإفساد في كونه.