للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعللوا القتل أو الموت بأسباب، ومن الذي قال: إن القتل أو الموت يتعلق بأسباب؟ إن الموت قضية تطرأ لإعدام الحياة، وهي مجهولة السبب ومجهولة الزمان ومجهولة المكان ومجهولة العمر.

إذن فما دامت المسألة مجهولة فلماذا ربطتم بين القتل والموقعة؟ وهل لم تروا إنساناً مات وليس في موقعة؟ ألم تروا إنساناً قد قُتل وليس في موقعة؟ لو أن القتل لا ينشأ إلا في مواقع قتال الحرب لكان لكم أن تقولوا هذا، إنما القتل والموت قضية عامة لها واقع في حياتكم.

هذا الواقع لم يرتبط بأرض، ولم يرتبط بزمان، ولم يرتبط بسن، ولم يرتبط بسبب، وإنما الموت يأتي لأنك تموت، انتهت المسألة.

إذن فهم عندما ربطوا القتل والموت بالموقعة فهم قد خرجوا عن القضية الإيمانية. ولذلك يأتي الرد من الحق بأمر واضح للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: {قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الذين كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتل إلى مَضَاجِعِهِمْ} . فكأنك أيها الميت قد تكون أَحْرَص على لقاء الموت من حِرْص الموت عليك. بدليل أننا قلنا: إن الإنسان يكون مريضاً، ويلح على أن تُجري له عملية جراحية فيعتذر الطبيب قائلا: عندي عدد كبير من الجراحات فانتظر شهراً، فيأتي له المريض بوساطة لكي يقبل الطبيب إجراء العملية الجراحية ويلح عليه. ويعلى أجر الطبيب وقد يموت المريض. إذن فهو يلح على الموت أو لا؟ إنه يلح على الموت.

يقول الحق: {لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الذين كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتل إلى مَضَاجِعِهِمْ} وكلمة «بَرَزَ» تدل على اندفاع حركي، فمعنى: بَرَزَ من الصف؛ يعني أن الصّف له التئام واقعي، والذي يبرُز إنما يقوم بحركة مخالفة للصف، هذه حركة.

{قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الذين كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتل إلى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ الله مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ والله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} والذي يبرز إلى المضجع هو من يخرج من مكان الاستقرار، وإلاّ فكيف يكون الابتلاء لمن يقدر الله سبحانه أن يحملوا معركة الإسلام إلى أن تقوم الساعة إذا لم تكن هذه المسائل؟ لا بد أن يكونوا قوماً قد عركتهم التجربة، مُمحصين بالأحدث حتى لا يكون مأموناً على

<<  <  ج: ص:  >  >>