المؤمن أن يكون غالاً، أي يأخذ لنفسه شيئا من الغنيمة، وامتناع الرسول أن يكون غالاًّ، لأن طبعه وسجيته لا تستقيم مع هذه، لكن الأمر يختلف مع المقاتلين؛ فمن الممكن أن يكون أحدهم كذلك، فسيدنا عمر في معركة الفرس، حينما جاء جماعة بتاج كسرى، والتاج فيه كل النفائس وتلك سمة عظمة الملوك، فقال الفاروق عمر: إن قوما أدوا إلى أميرهم هذا لأمناء. فقد كان من الممكن أنهم يخفونه.
{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} وساعة تسمع {وَمَا كَانَ} أي: وما ينبغي ولا يصح أن يكون ذلك الأمر، وبعد ذلك يأتي بالحكم العام فيمكن أن يحدث غلول من أحَدٍ فيقول:{وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القيامة} فالذي غل في حاجة وخان فيها يأتي بها يوم القيامة كما صورها الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:
«والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حلّه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلا أعرفن أحداً منكم لقي الله يحمل بعيرا له رُغاء أو بقرة لها خُوار، أو شاة تَيعَر، ثم رفع يديه حتى رُئيَ بياض إبطيه يقول: اللهم قد بلغت» .
إن من يأخذ حراما في خفية يأتي يوم القيامة وهو يحمل البعير أو البقرة أو الشاة مثلا. وآه لو كان ما أخذه حمارا فله نهيق!!
فإذا كان سيأتي بما غل يوم القيامة - فالذي أخذه سيفضحه - ولذلك تسمى «الفاضحة» ، و «الطامة» . إذن فمن الممكن في الدنيا أن يأخذها خفية ويغُل. لكنه سيأتي في يوم القيامة وهو يحمل ما أخذه على ظهره، ثم يقول مناديا رسول الله: يا محمد. . يا محمد، لأن كل مسلم قد علم واطمأن إلى أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رءوف ورحيم وأنه لن يرضى بهذه الحكاية، لكن رسول الله أبلغ عن عقاب من يفعل ذلك في حياته، وعلى كل المؤمنين به ألا يفكروا في الغلول وأخذ الغنيمة خفية.
ولماذا تكون الغنيمة في الحرب شرا؟ لأن المقاتل يعيش أثناء القتال في مهمة أن