شرطية لكنها هنا «إن» النافية وتعرفها بوجود «إلاَّ» .
ومرة ثالثة تأتي «إن» لا هي شرطية، ولا هي نافية مثل آيتنا هنا {وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} . ونقول: هذه «إنْ» التي هي تخفيف «إنَّ» أي «إنْ» هنا مخففة من الثقيلة ويكون المعنى وإنّ الحال والشأن والقصة والواقع أنهم كانوا في ضلال مبين. ويقول النحاة: اسمها ضمير الشأن - أي الحال والقصة - وهو محذوف.
وما هو الضلال؟ يقولون: ضل فلان الطريق أي مشى في مكان لا يوصله للغاية، أو يوصل إلى ضد الغاية؛ لأن الضلال في الدنيا والأمور المادية قد لا يوصلني لغايتي المرجوة، وقد لا يوصلني لشر منها أو لمقابلها، لكن في الأمر القيمى ماذا يفعل؟ إنه لا يوصلك إلى الغاية المرجوة وهي الجنة فحسب ولكنه يوصل للمقابل وهو النار، هذا هو الضلال المبين، إنه ضلال واضح؛ بدليل أن النقائص التي جاء الإسلام ليطهر الإنسان منها، يحبّ مرتكبها ألا تُعلم عنه وسط الناس، فالسارق يسرق لكن لا يحب أن يعرف الناس أنه لص، والكاذب يكذب لكن لا يحب أن يعرف الناس أنه كذاب، بدليل أنك عندما تقول له: يا كذاب تكون له صاعقة. إذن فالنقيصة تُفعل وصاحبها لا يريد أن يراها أحد أو يُعرف بها.
{وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} أي ضلال ظاهر وهو ضلال يعرفه صاحبه بدليل أننا قلنا في قصة سيدنا يوسف؛ حيث نجد في القصة اثنين من الفتيان قد دخلا السجن، وماذا حدث لهما:{وَدَخَلَ مَعَهُ السجن فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَآ إني أراني أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الآخر إِنِّي أراني أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطير مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المحسنين}[يوسف: ٣٦]