{أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إني أَعْلَمُ غَيْبَ السماوات والأرض} أي أن الله سبحانه وتعالى وحده هو الذي يعلم الغيب. والغيب هنا هو الغيب المطلق. فهناك غيب نسبي. قد تسرق حافظة نقودي مثلا وأنا لا أعلم من الذي سرقها فهو غيب عني. ولكنه معلوم للذي سرق، وللذي سهل له طريقة السرقة بأن حرس له الطريق حتى يسرق دون أن يفاجئه أحد. وقد يكون قد صدر قرار هام بالنسبة لي كترقية أو فصل أو حكم. لم يصلني. فأنا لا أعلمه. ولكن الذي وقع القرار أو الحكم يعلمه.
هذا الغيب النسبي. لا يعتبر غيبا. ولكن الغيب المطلق هو الذي ليس له مقدمات تنبئ عما سيحدث. . هذا الغيب الذي يفاجئك. ويفاجئ كل من حولك بلا مقدمات. . هذا الغيب لا يعلمه إلا الله وحده. وقوله تعالى:{وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} . . تعطينا هنا وقفة. هل الملائكة قالوا لله سبحانه وتعالى:{أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدمآء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} هل قالها الملائكة فعلا وجهرا، أم أنهم قالوها في أنفسهم ولم ينطقوا بها. . قوله تعالى {وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} تعطينا إشارة إلى أن الملائكة ربما قالوا هذا سرا. ولم يبدوه، وعلى أية حال. سواء قالوه جهرا. أو قالوه سرا. فقد علمه الله. لأن الله جل جلاله. . بكل شيء محيط. ولا نريد لهذه النقطة أن تثير جدلا. . لماذا؟ لأنه في الحالتين. . سواء في الجهر أو في الكتمان. . فإن الموقف يتساوى عند علم الله سبحانه وتعالى. . فلا داعي للجدل لأنه لا خلاف.