يرى واحداً لا يتذوق حلاوة المنهج، فالرسول يأمل أن يذوق الناس كلهم حلاوة الإيمان؛ لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رءوف رحيم بالمؤمنين، بل وبالناس جميعا {وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} ودليل ذلك أن جاءه التخيير. «فقد نادى جبريل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقال:» إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردّوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. قال: فناداني ملك الجبال وسلم عليّ ثم قال: يا محمد، إن الله قد بعثني إليك وأنا ملك الجبال لتأمرني بأمرك فما شئت؟ إن شئت أُطبق عليهم الأخشبين؟ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا» «.
فالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لا يبقى على هؤلاء فقط ولكنه يحرص أيضاً على الأجيال القادمة. وقد كان. وخرج من أولاد كفار قريش صناديد وأبطال وجنود دعوة وشهداء. فَكَان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كما أخبر الله في آيات القرآن - يحزن عندما لا يذوق أحد حلاوة الإيمان، ويقول الحق:{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ على آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بهذا الحديث أَسَفاً}[الكهف: ٦]
وفي موقع آخر يقول الحق:{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ السمآء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ}[الشعراء: ٣ - ٤]
والحق سبحانه وتعالى لا يريد أعناقاً، لكنه يريد قلوباً تأتي له بعامل الاختيار والمحبة، فباستطاعته وهو الخالق الأكرم أن يخلق البشر على هيئة غير قابلة للمعصية، كما خلق الملائكة، إن كل الأجناس تٌسبّح بحمده، إذن فالقرآن يُبيّن حِرصَه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بأن يؤمن الناس جميعاً وأن يذوقوا حلاوة اللقاء بربهم،