نازل من السماء. فما الذي هو لك أيها الإنسان؟ إن عليك أن تعرف أنه ليس لك شيء في كل ذلك، إنما أنت مضارب لله. فلتعطه حق المضاربة.
والحق سبحانه لايطلب إلا قدراً بسيطاً من نتاج وثمرة الأرض. . إن كانت تروي بماء السماء فعليك عشر نتاجها. وإن كانت الأرض تروي بآلة الطنبور أو الساقية فعليك نصف العشر.
والذي يزرع أرضا فإنه يحرثها في يوم، ويرويها كل أسبوعين.
أما الذي يتاجر في صفقات تجارية فهي تحتاج إلى عمل في كل لحظة، لذلك فإن الحق قدّر الزكاة عليه بمقدار اثنين ونصف بالمائة.
إذن فكلما زادت حركة الإنسان قلل الله قدر الزكاة. وهذه العملية على عكس البشر. فكلما زادت حركته. فإنهم يأخذون منه أكثر!!
والله سبحانه يريد أن توجد الحركة في الكون؛ لأنه إن وجدت الحركة في الكون انتفع الناس وإن لم يقصد التحرك. وبعد ذلك فأين يذهب الذي يأخذه الله منك؟ . إنه يعطيه لأخ لك ولغيره. فما دام سبحانه يعطي أخاً لك وزميلاً لك من ثمرة ونتيجة حركتك، ففي هذا اطمئنان وأمان لك، لأن الغير سيعطيك لو صرت عاجزاً غير قادر على الكسب. وفي هذا طمأنينة لأغيار الله فيك. فإن جاءت لك الأغيار فستجد أناساً يساعدونك، وبذلك يتكاتف المجتمع وهذا هو التأمين الاجتماعي في أرقى معانيه. إذن فهذا كله من فضل الله.
{وَلاَ يَحْسَبَنَّ الذين يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ الله مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ} إن الذين يبخلون بفضل الله يظنون أن البخل خير لمجرد أنه يكدس عندهم الأموال، وليس ذلك صحيحاً؛ لأن الحق يقول:{سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ القيامة} أي أن ما بخلوا به يصنعه الله طوقاً في رقبة البخيل، وساعة يرى الناس الطوق في رقبة البخيل يقولون: هذا منع حق الله في ماله.