ووجود الله سبحانه وتعالى الواجب الوجود يستوجب الحمد. . فالله يستحق الحمد لذاته، ولولا عدل الله لبغى الناس في الارض وظلموا، ولكن يد الله تبارك وتعالى حين تبطش بالظالم تجعله عبرة. . فيخاف الناس الظلم. . وكل من أفلت من عقاب الدنيا على معاصيه وظلمه واستبداده سيلقى الله في الاخرة ليوفيه حسابه. . وهذا يوجب الحمد. . أن يعرف المظلوم أنه سينال جزاءه فتهدأ نفسه ويطمئن قلبه ان هناك يوما سيرى فيه ظالمه وهو يعذب في النار. . فلا تصيبه الحسرة، ويخف احساسه بمرارة الظلم حين يعرف ان الله قائم على كونه لن يفلت من عدله أحد.
وعندما نقول:{الحمد للَّهِ} فنحن نعبر عن انفعالات متعددة. . وهي في مجموعها تحمل العبودية والحب والثناء والشكر والعرفان. . وكثير من الانفعالات التي تملأ النفس عندما تقول:«الحمد لله» كلها تحمل الثناء العاجز عن الشكر لكمال الله وعطائه. . هذه الانفعالات تأتي من النفس وتستقر في القلب. . ثم تفيض من الجوارح على الكون كله..
فالحمد ليس ألفاظا تردد باللسان، ولكنها تمر أولا على العقل ليعي معنى النعم. . ثم بعد ذلك تستقر في القلب فينفعل بها. . وتنتقل الي الجوارح فأقوم واصلي لله شاكرا ويهتز جسدي كله، وتفيض الدمعة من عيني. . وينتقل هذا الانفعال كله الي من حولي.
ونفسر ذلك قليلا. . هب انني في أزمة أو كرب أو شيء سيؤدي الي فضيحة. . وجاءني من يفرج كربي فيعطيني مالا أو يفتح لي طريقا. . أول شيء انني سأعقل هذا الجميل فأقول انه يستحق الشكر. . ثم ينزل هذا المعنى الي قلبي فيهتز القلب الي صانع هذا الجميل. . ثم تنفعل جوارحي لأترجم هذه العاطفة إلي عمل يرضيه على جميل صنعه. ثم أحدث الناس عن جميله وكرمه فيسارعون إلي الالتجاء اليه. . فتتسع دائرة الحمد وتنزل النعم على الناس. . فيمرون بنفس ما حدث لي فتتسع دائرة الشكر والحمد. .