للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهكذا نرى أن الحق سبحانه وتعالى في القرآن الكريم قد أطلق لفظ الجنة على جنات الدنيا، ولم يقصره على جنة الآخرة.

إذن فآدم حين قال له الله سبحانه وتعالى: {اسكن أَنتَ وَزَوْجُكَ الجنة} [الأعراف: ١٩]

فهي ليست جنة الخلد وإنما هي جنة سيمارس فيها تجربة تطبيق المنهج. ولذلك لا يقال: كيف دخل إبليس الجنة بعد أن عصى وكفر، لأن هذه ليست جنة الخلد ولابد أن تنتبه إلى ذلك جيدا حتى لا يقال أن معصية آدم هي التي أخرجت البشر من الجنة. لأن الله تعالى قبل أن يخلق آدم حدد مهمته فقال: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً} [البقرة: ٣٠]

فآدم مخلوق للخلافة في الأرض ومن صلح من ذريته يدخل جنة الخلد في الآخرة، ومن دخل جنة الخلد عاش في النعيم خالدا.

والحق سبحانه وتعالى يقول: {وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا} فالله سبحانه وتعالى أمد الجنة التي سكنها آدم وحواء بكل ما يضمن استمرار حياتهما، تماما كما خلق كل النعم التي تضمن استمرار حياة آدم وذريته في الأرض قبل أن تبدأ الحياة البشرية على الأرض. فالله سبحانه وتعالى له عطاء ربوبية فهو الذي خلق. وهو الذي أوجد من عدم، ولذلك فقد ضمن لخلقه ما يعطيهم استمرار الحياة على الأرض من ماء وهواء وطعام ونعم لا تعد ولا تحصى فكأن الله تعالى قد أمد الجنة التي سكن فيها آدم وزوجته بكل عوامل استمرار حياتهما قبل أن يسكناها. كما أمد الأرض بكل وسائل استمرار حياة الإنسان قبل أن ينزل آدم إليها. إذن فقوله تعالى: {يَآءَادَمُ اسكن أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجنة} .

هذه فترة التدريب على تطبيق المنهج. والسكن هو المكان الذي يرتاح فيه الإنسان ويرجع إليه دائما. فأنت قد تسافر فترات، وكل الدول التي تمر بها خلال

<<  <  ج: ص:  >  >>